السبت، 25 يونيو 2011

إلى أعلى الجنان يا هشام

 

(هشام) ذلك الفتى اللطيف في روحه، الهادىء في طبعه، المهذب في أخلاقه، النجيب في دراسته؛ تعرض قبل أيام لحادث سير في مكة المكرمة ، نتج عنه غيبوبة لأيام معدودة، ثم صعدت روحه إلى بارئها، الذي خلقها فسواها فعدلها، أمره نافذ، ولا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا حول ولا قوة إلا به، ولا ملجأ ولا منجى منه؛ إلا إليه.

أخذ هشام من الدنيا نصيبه، واستكمل فيها رزقه، ثم قدم على الرحيم الكريم ؛ الذي سيتولاه برحمته وعفوه وغفرانه، فالخالق (سبحانه) ؛ أرحم به من نفسه، ومن أمه وأبيه.

كدرنا خبره، وأحزننا رحيله، لكنه الموت؛ سنة من سنن الله الماضية، التي لا تتغير ولا تتبدل، فللخالق ما أخذ ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، هكذا هي الدنيا الفانية، وهذا هو حالها؛ نزول وارتحال ، لقاء ووداع، صحة وسقم، سعادة وضيق، فرح وحزن، من سره زمن ساءته أزمان، ومن ساءه زمن ستسره أزمنة قادمة، وهذه الدار لا تُبقي على أحد، ولا يدوم على حال لها شأن.

مات هشام ليعلمنا ويعلم أهله؛ أن للدنيا تقلبات، وفي الحياة مفاجآت، وأن الموت سبيل كل حي، يأتي فجأة على الصغير والكبير، والرفيع والوضيع، والمعسر والموسر، والملك والمملوك، قال تعالى: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ" ،وليس لنا إلا التسليم والرضا بقضائه، والصبر بما قدره تعالى .

في الصبر أجر عظيم، وثواب جزيل ، فالخالق(جل جلاله) يحب الصابرين:" والله يحب الصابرين"، وهو العظيم الكريم يكون ناصراً ومعيناً لعباده الصابرين: "إن الله مع الصابرين"، وهو الذي يعطيهم ويجزيهم بغير حساب:"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"، وإنّ جائزة كل صابر على أي نازلة؛ هي جنة عرضها السموات والأرض: "أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاماً"، فيا فوز الصابرين، ويا سعادة الراضين!

كان والد الفقيد/ أ.د.عبدالله بن سعيد سافر ؛ صابراً على كربة الكمد، ولوعة الفراق، ثابتاً ثبوت الجبال الراسيات في محنته؛ وهو الذي يحمده في الضراء ، كما يحمده في السراء، قال عليه الصلاة والسلام:" إذا مات ولد العبد؛ قال الله تعالي لملائكته : قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون : نعم،فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم، فيقول : فماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع، فيقول الله تعالي : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة ، وسموه بيت الحمد"، رواه الترمذي.

فاللهم اغفر لعبدك هشام، وجازه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً ،اللهم أكرم نزله، وأوسع مدخله، وأبدله دار خيراً من داره، وأهلا خيراً من أهله، ولا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده،واغفر لنا وله ،واربط على قلوب أسرته، وأمدهم بالعزم على استكمال رحلة الحياة، يا أرحم الراحمين، ويا أجود الأجودين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق